فصل: أفعال المقاربة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الجمل في النحو ***


أفعال المقاربة

وثانيها‏:‏ أفعال المقاربة، وهي‏:‏ عسى وكاد وكرب وأوشك، تقول‏:‏ عسى زيد، وكاد عمرو، فلا تتم حتى تأتي بالخبر، فخبر عسى يقترن مع أن، تقول‏:‏ عسى زيد أن يخرج، فزيد يسمى اسم عسى، وفاعلها، وأن يخرج خبر عسى، وإن جعلت أن يفعل اسم عسى فقلت‏:‏ عسى أن يخرج زيد لم تحتج إلى خبر‏.‏

وخبر كاد يفعل، بغير أن، تقول‏:‏ كاد زيد يخرج‏.‏ وكرب وأوشك تجريان مجرى عسى مرة، ومجرى كاد أخرى‏.‏ وجعل وأخذ يستعملان استعمال ‏"‏كاد‏"‏، تقول‏:‏ جعل زيد يفعل كذا‏.‏ وأخذ يفعل كذا‏.‏

نعم وبئس

وثالثها فعلا المدح والذم، وهما نعم وبئس، والأصل فيهما نعم وبئس، وهما يقتضيان اسما فيه الألف واللام للجنس، نحو نعم الرجل زيد، فالرجل فاعل نعم، وزيد المخصوص بالمدح، وكذا بئس الرجل زيد، وقد يضمر اسم الجنس، ويؤتى بدله بنكرة منصوبة ‏(‏على التمييز‏)‏ فيقال‏:‏ نعم رجلا زيد‏.‏

فعل التعجب

ورابعها فعل التعجب، وهو على لفظين‏:‏ أحدهما ما أفعل نحو ما أحسن زيدا، لا يتغير عن صيغة الماضي، وفاعله ضمير ‏"‏ما‏"‏ والتقدير شيء أحسن زيدا، أي جعله حسنا، وزيدا مفعوله والثاني افعل به، بمعنى ما أفعله، تقول‏:‏ أكرم بزيد، تريد ما أكرمه، لفظه لفظ أمر، ومعناه تعجب، ولا يدخل التعجب فيما زاد على ثلاثة أحرف نحو انطلق واستخرج، وإنما يتعجب منه بما أشد وما يجري مجراه نحو ما أشد انطلاقه واستخراجه وكذلك في العيوب والألوان‏.‏ وإن كان على ثلاثة أحرف، لا تقول في عور ما أعوره، وإنما تقول‏:‏ ما أشد عوره، وفي الألوان ما أشد بياضه وسواده، فهذه حال الرفع في الأفعال‏.‏

عمل الأفعال النصب

وأما النصب فعلى ضربين‏:‏ ضرب عام لجميعها، وضرب خاص‏.‏

فالخاص في ثلاثة‏:‏ المفعول به، والخبر المنصوب، والتمييز‏.‏ فالمفعول به خاص لأنه لا يكون للفعل اللازم نحو خرج زيد، وإنما يكون للفعل المتعدي نحو ضربت زيدا‏.‏

أنواع المتعدي

والمتعدي على أربعة أضرب‏:‏ لم الأول‏.‏ متعد إلى مفعول واحد كضربت زيدا‏.‏ والثاني‏:‏ متعد إلى مفعولين ثانيهما عبارة عن الأول، وهو سبعة‏:‏ حسبت، وخلت، ووجدت، وظننت، وعلمت، ورأيت، وزعمت، إذ ا كن بمعنى علمت، تقول‏:‏ حسبت زيدا أخاك، وعلمت زيدا فاضلا، فيكون الفاضل والأخ عبارة عن زيد‏.‏ وهذه يجوز إلغاؤها إذا وقعت بين المفعولين نحو زيد ظننت مقيم، وكذلك إذا تأخرت نحو زيد مقيم ظننت، ولا يجوز الإلغاء مع تقدمها على المفعولين، ويبطل عملها لام الابتداء والاستفهام، كقولك‏:‏ علمت لزيد منطلق، وعلمت أيهم أخوك، ويسمى هذا تعليقا‏.‏ والثالث‏:‏ متعد إلى مفعولين الثاني غير الأول نحو أعطيت زيدا درهما، وكسوت عمرا ثوبا، فالدرهم غير زيد، والثوب غير عمرو‏.‏ ويجوز الاقتصار على أحدهما، فتقول‏:‏ أعطيت زيدا، ولا تذكر ما أعطيت، وأعطيت درهما ولا تذكر من أعطيت‏.‏

والرابع‏:‏ متعد إلى ثلاثة مفاعيل وهو أربعة‏:‏ أعلمت، وأريت، وأنبأت، ونبأت، إذا كن بمعنى أعلمت، تقول‏:‏ أعلم الله زيدا عمرا فاضلا‏.‏ وأما الخبر والتمييز فخاصان أيضا، لأن الخبر يكون من بين الأفعال لكان وأخواتها ولعسى وكاد، وكذا التمييز لا يكون في كل فعل، وهو قولك‏:‏ طاب زيد نفسا،ومعنى التمييز أن يكون الشيء مبهما يحتمل وجوها فيميز بأحدها، نحو أن تقول‏:‏ طاب زيد، فلا يدري من أي وجه نسبت الطيب إليه، فإذا قلت‏:‏ نفسا ميزت‏.‏ ويأتي، بعد كلام تام، ومعنى ة تمام الكلام أن يكون الفعل قد أخذ ما يقتضيه كأخذ ‏"‏طاب‏"‏ فاعله ومثله - كفى بزيد رجلا، فاعرفه، العام من النصب‏.‏

وأما العام من النصب ففي خمسة أشياء‏:‏

ا - المصدر، كقولك‏:‏ قمت قياما، وضربت ضربة، وسوطا، وضربت ضرب زيد، والضرب الذي تعرفه‏.‏

2 - وظروف الزمان نحو خرجت يوم الجمعة، وكذا كل زمان وقع فيه فعل‏.‏

3 - وظروف المكان المبهمة، وهي الجهات الست، نحو خلفك، وأمامك، وفوقك، وتحتك، ويمينك، وشمالك، تقول‏:‏ جلست خلفك، وضربت زيدا أمامك، وكذا كل ما كان جهة نحو إزاءك وحذاءك وقبالتك، ومنها عندك ووسط الدار‏.‏ ومن ذلك المقادير نحو الفرسخ والميل، تقول سرت فرسخا وميلا، فيكون منصوبا على الظرف، أي سرت هذا المقدار، ولا يكون المكان المخصوص ظرفا نحو الدار والمسجد والسوق‏.‏

4 - والمفعول له كقولك‏:‏ جئتك إكرامالك، وفعلت ذلك مخافة الشر، أي لإكرامك ولمخافة الشر، وكل مصدر منصوب بمعنى اللام فهو مفعول له‏.‏

5- والحال‏.‏، نحو جاء زيد راكبا، أي في حال ركوبه، وكل صفة نكرة منصوبة بمعنى‏.‏ في حال كذا في حال، وصاحب هذه الصفة يسمى ذا الحال‏.‏ ومن حق ذي الحال أن يكون معرفة، كما أن من حق الحال أن تكون نكرة، فلا يجوز أن تقول‏:‏ جاءني رجل راكبا، فتجعل ذا الحال نكرة إلا على ضعف، وكذا لا يجوز أن تقول‏:‏ جاءني زيد الراكب، فتجعل الحال معرفة، بل الواجب أن تقول‏:‏ جاءني زيد راكبا، فتجعل ذا الحال معرفة والحال نكره‏.‏

فان أردت أن تنصب الحال عن النكرة فقدمها عليها، نحو جاءني راكبا رجل، ومن علامة الحال أن يصلح جوابا لكتب، نحو أن يقال‏:‏ - إذا قلت‏:‏ جاء زيد‏:‏- كيف جاءك فتقول‏:‏ ركبا‏.‏ فهذه خمسة ما من فعل إلا ويعمل فيها‏.‏

الفصل الثالث‏:‏ في العوامل من الحروف

ما يرفع وينصب من الحروف وهي على أربعة أضرب‏:‏ ضرب يرفع وينصب وهو ثمانية، ستة منصوبها قبل المرفوع‏.‏ إن وأخواتها‏:‏ وهي‏:‏ إن، وأن، وكان، ولكن، وليت، ولعل، نحو إن زيدا منطلق، ولا يجوز تقديم المرفوع على المنصوب، نحو إن منطلق زيد ا، -- ويسمى المنصوب اسما، والمرفوع خبرا‏.‏ وتدخل ‏"‏ما‏"‏ على هذه الحروف، فتكفها أي تمنعها عن العمل أ من أن تعمل أ كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إنما الله إله واحد‏}‏ ‏[‏النساء/171‏]‏‏.‏ و‏"‏إن‏"‏ تفتح بعد لو، ولولا، وبعد علمت وأخواتها، فإن دخلت اللام في خبرها كسرت كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏والله يعلم إنك لرسوله المنافقون‏}‏ ‏[‏المنافقون/ 1‏]‏ وفي غير فإذا جاوزت ذلك أ فإنها تكسر في كل موضع إذا أسقطتها مع اسمها وخبرها لم يجز أن يقع مكانها اسم مفرد أ واحد موضع مفرد، نحو أن يقول لك إنسان‏:‏ قال فلان‏:‏ إن زيدا منطلق، ولو قلت‏:‏ قال فلان في يد لم يصح‏.‏

وتفتح حيث يقع موقعها اسم مفرد، تقول‏:‏ بلغني أن زيدا منطلق، فتفتح لأنك تقول بلغني الخبر، وبلغني الانطلاق، فيكون صحيحا، فهذا حكم هذه الستة‏.‏ ما ولا بمعنى ليس والاثنان الباقيان من الثمانية مرفوعهما قبل المنصوب، وهما ما ولا بمعنى ليس نقول‏:‏ ما زيد منطلقا، ولا رجل أفضل منك، ويبطل عملهما بتقدير الخبر، فلا يجوز ما منطلقا زيد، ولا أفضل منك رجل‏.‏

لا النافية للجنس

وقد تكون ‏"‏لا‏"‏ بمنزلة إن في نصب الأول ورفع الثاني، كقولك في نفي الجنس‏:‏ لا غلام رجل قائم هنا، ولا خيرا من زيد جالس عندنا، فتنصب المضاف والمضارع له وهو كل اسم تعلق به شيء هو من تمام معناه، كتعلق ‏"‏من زيد بخير‏"‏‏.‏

وأما النكرة المفردة فتكون مبنية معها على الفتح نحو لا رجل في الدار، - ولا إله إلا الله، فإن كررت ‏"‏لا‏"‏ مع النكرة نحو قوله‏:‏ ‏{‏لا بيع فيه ولا خلة‏}‏ ‏[‏البقرة/ 254‏]‏ جاز فيه الفتح، والرفع لأنه محمول على موضعه لأن موضعه رفع بالابتداء‏.‏ فإن وقع بعدها المعرفة لم يجز إلا الرفع على الابتداء نحو لا زيد في الدار ولا عمرو، ولا يقع بعدها المعرفة إلا وهي مكررة‏.‏ ما ينصب فقط الضرب الثاني ما ينصب فقط، وهو سبعة‏:‏

واو المعية‏:‏ الأول الواو بمعنى مع، كقولك‏:‏ استوى الماء والخشبة، وجاء البرد الطيالسة، وكنت وزيدا كالأخوين، ولو تركت الناقة وفصيلها لرضعها‏.‏ ولا تنصب الواو بمعنى ‏"‏مع‏"‏ إلا وقبلها فعل، نحو استوى من قولك‏:‏ استوى الماء والخشبة‏.‏

إلا في الاستثناء‏:‏

الثاني إلا في الاستثناء، والاستثناء إخراج الشيء مما دخل فيه غيره، كقولك‏:‏ جاءني القوم إلا زيدا، فقد أخرجته من المجيء، ولو قلت ماجاءني القوم إلا زيدا فقد أخرجته من نفي المجيء‏.‏ و‏"‏إلا‏"‏ تنصب الاسم الذي لا يتعلق بما قبلها بوجه كزيد في جاءني القوم إلا زيدا، وما جاءني أحد إلا زيدا‏.‏ ويجوز في النفي والاستفهام أن تجعل ما بعد إلا تابعا لما قبلها على البدل، تقول‏:‏ ما جاءني أخد إلا زيد، وما رأيت أحدا إلا زيدا، وهل مررت بأحد إلا زيد‏.‏ وحكم النهي حكم النفي كقولي تعالى‏:‏ ‏{‏ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك‏}‏ ‏[‏هود/81‏]‏، قرئ بالرفع والنصب‏.‏ فإن تعلق الاسم الواقع بعد ‏"‏إلا‏"‏ بما قبلها لم تعمل فيه، تقول‏:‏ ما جاءني إلا زيد فلا يكون لها سبيل، لأنه فاعل جاءني ‏(‏وكذا ما ضربت إلا زيدا وما مررت إلا بزيد ليس دالا في شيء من ذلك عمل‏)‏‏.‏ وللاستثناء، كلمات أخر وهي‏:‏ لا يكون، وليس، وما خلا، ما عدا، فهذه تنصب بكل حال، وإلا سيما يرفع ما بعدها ويجر، وحاشى، وخلا، وعدا تجر وتنصب، وغير معرب بإعراب الاسم الواقع بعد إلا، تقول‏:‏ جاءني القوم غير زيد فتنصب كما تقول‏:‏ جاءني القوم إلا زيدا، وما جاءني أحد غير زيد، وغير زيد فترفع على البدل، وتنصب على الاستثناء وما جاءني غير زيد، فترفع كما تقول‏:‏ ما جاء إلا زيد‏.‏ ومنها سوى بمعنى غير كقولك‏:‏ جاءني القوم سوى زيد‏.‏

حرف النداء‏:‏ والثالث من السبعة حرف النداء ينصب النكرة والمضاف والمضارع له، كقولك‏:‏ يا غلاما ‏(‏تريد غلاما ما‏)‏‏.‏

وكقوله‏:‏

أيا راكبا إما عرضت فبلغن ***

ويا غلام زيد، ويا خيرا من زيد‏:‏ وأما المعرفة المفردة فمبنية على الضم في النداء نحويا يا زيد،ويا رجل، ولكن موضعها نصب، ولذلك جاء في صفته وجهان‏:‏الرفع على اللفظ، نحو يا زيد الظريف، والنصب على الموضع، نحو‏:‏ يا عمر الجوادا، ويا أيها الرجل مثل يا زيد الظريف، فأي منادي مفرد معرفة والرجل صفة له و‏"‏ها‏"‏ مقحمة للتنبيه‏.‏

ولا تدخل ‏"‏يا‏"‏ على ما فيه الألف واللام،فلا يقال‏:‏ يا الرجل، وقالوا‏:‏ يا الله بقطع الهمزة، ووصلها، فإن عطفت على المضموم اسما فيه الألف واللام جاز فيه الرفع على اللفظ، والنصب على الموضع كالصفة، مثاله قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يا جبال أوبي معه والطير‏}‏ ‏[‏سبأ/ 10‏]‏ والطير، فإن وصفت المضموم بابن، والابن بين علمين بنيت المنادى مع الابن على الفتح، فقلت‏:‏ يا زيد بن عمرو، فإن لم يقع بين علمين تركت المنادى على ضمه، ونصبت الابن، فقلت‏:‏ يا زيد ابن أخينا، لأن صفة المضموم تنصب إذا كانت مضافة‏.‏

وتلحق المنادى اللام الجارة مفتوحة للاستغاثة كقول عمر رضي الله عنه‏:‏ يالله للمسلمين بفتحها في الأول، وكسرها في الثاني فرقا بين المدع والمدعو إليه، والمنادى يرخم إذا كان مفردا علما زائدا علي ثلاثة أحرف نحو حارث ومروان ومنصور تقول‏:‏ يا حار، ويا مرو، ويا منص‏.‏ ‏(‏فإن كان في الاسم تأنيث جاز أن يرخم وهو على ثلاثة أحرف‏)‏ تقول في رجل اسمه ثبة‏:‏ يا ثب أقبل‏.‏

نواصب الفعل المضارع

والأربعة الباقية من السبعة هي النواصب للفعل المضارع، وهي أن كقولك‏:‏ أرجو أن تعطيني، و‏"‏لن‏"‏ نحو‏:‏ لن يخرج، و‏"‏كي‏"‏ نحو كي تعطيني، و‏"‏إذن‏"‏ إذا كانت جوابا مستأنفا نحو أن يقول لك إنسان‏:‏ أنا أتيك، فتقول له‏:‏ إذن أكرمك، فإن وقعت حشوا ‏(‏وتعلق الفعل الواقع بعدها بشيء مما قبلها واعتمد عليه‏)‏ كانت لغوا كقولك‏:‏ أنا إذن أكرمك، وتضمر ‏"‏أن‏"‏ بعد ستة أحرف، وهي حتى، كقولك‏:‏ سرت حتى أدخلها، ولام ى ب، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لنعلم أي الحزبين أحصى‏}‏ ‏[‏الكهف /12‏]‏ ولام التوكيد نحو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وما كان الله ليعذبهم‏}‏ ‏[‏33/الأنفال‏]‏ وواو الجمع نحو لا تأكل السمك وتشرب اللبن، تريد لا تجمع بينهما، وكذلك كل موضح أردت فيه الجمع بين فعلين، وتسمى واو الصرف، و‏"‏أو‏"‏ بمعنى إلى أن، كقولك‏:‏ لألزمنك أو تعطيني حقي، والفاء في جواب الأشياء الستة‏:‏ الأمر والنهي والنفي والتمني، والاستفهام، والعرض‏.‏ فالأمر كقولك ائتني فأكرمك، والنهي كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ألا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي‏}‏ ‏[‏طه /81‏]‏ أو النفي كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ألا يقضى عليهم فيموتوا‏}‏ والتمني، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ياليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما‏}‏ النساء/73‏]‏ والاستفهام كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏هل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا‏}‏ ‏[‏الأعراف/53‏]‏ والعرض ألا تنزل فتصيب خيرا، وعلامة صحة الجواب بالفاء أن يكون المعنى إن فعلت فعلت كقولك‏:‏ ائتني فأكرمك، بمعنى إن أتيتني أكرمتك‏.‏

ما يجزم فقط

والضرب الثالث من الحروف ما يجزم وهو خمسة، لم ولما، ولا في النهي، واللام في الأمر نحو ليفعل، وإن في الشرط والجزاء، نحو إن تكرمني أكرمك، وفيه وجوه‏:‏

أحدها أن يكون الشرط والجزاء مجزومين، كما ذكرنا، والثاني ألا يكون الجزاء مجزوما أن يكون الجزاء غير مجزوم، وذلك إذا كان بالفاء نحو إن تأتني فأنت مكرم، أو بإذا نحو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون‏}‏ ‏[‏الروم/ 36‏]‏ فائدته فائدة الفاء إذا قلت‏:‏ فهم يقنطون، أو يكون ماضيا نحو إن تكرمني أكرمتك، والثالث ألا يكون فيها جزم، وذلك إذا كانا ماضيين نحو‏:‏ إن خرجت خرجت، والرابع أن يكون الشرط ماضيا والجزاء مضارعا فيجوز الجزم وتركه نحو إن أتيتني أكرمك وأكرمك، ولا يجوز ترك الجزم في الشرط إذا كان مستقبلا‏.‏

ويضمر ‏(‏وتضمر إن للشرط‏)‏ الشرط في جواب الأشياء التي تجاب بالفاء إلا النفي فتقول‏:‏ ائتني أكرمك، المعنى فإنك إن تأتني أكرمك، وكذلك تقول في الاستفهام‏:‏ أين بيتك أزرك، وفي النهي لا تفعل شرا يكن خيرا لك، وفي التمني والعرض‏:‏ ليته عندنا يحدثنا، وألا تنزل تصب ‏(‏علما أو‏)‏ خيرا‏.‏

ما يجر فقط

الضرب الرابع من الحروف ما يجر فقط، وهي سبعة عشر حرفا‏:‏ الباء وأصله الإلصاق، نحو كتبت بالقلم، ومررت بزيد، وعمل النجار بالقدوم‏.‏

واللام وأصله الملك، نحو المال لزيد، ومن وأصلها ابتداء الغاية، نحو خرجت من البصرة، وإلى وأصلها انتهاء الغاية نحو خرجت من البصرة إلى الكوفة، وفي ومعناه الوعاء، نحو زيد في الدار، ورب للتقليل، نحو رب رجل رأيته، وتضمر بعد الواو كقول رؤبة‏:‏

وقاتم الأعماق خاوي المخترق ***

وحتى أو كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏حتى مطلع الفجر‏}‏ وفيه ثلاثة أوجه‏:‏ الجر بمعنى إلى، والعطف والابتداء تقول‏:‏ أكلت السمكة حتى رأسها، بالفتح - أي ورأسها، وحتى رأسها - بالضم على الابتداء التقدير حتى رأسها مأكول، قال جرير‏:‏

فما زالت القتلى تمج دماءها *** بدجلة حتى ماء دجلة أشكل

وتفيد في الأحوال الثلاثة أن ما بعدها غاية ونهاية‏.‏

وواو القسم وتاؤه نحو والله، وتالله، وأما الباء في حلفت‏.‏ بالله فهو مثل الباء في مررت بزيد،وهو الأصل والواو بدل منه، ولا تستعمل - أي - الواو مع فعل القسم فلا يقال‏:‏ حلفت والله، وكذا إذا كان المقسم به ضميرا، لا تستعمل الواو فيه، يقال‏:‏ بك يا إلهي لأنصرن دينك، ولا يقال‏:‏ ‏(‏وك‏)‏‏.‏

والتاء بدل من الواو، ولا تكون في غير اسم الله، فلا يقال‏:‏ ترب الكعبة، كما يقال‏:‏ ورب الكعبة، ولا تستعمل التاء مع فعل القسم، فلا يقال‏:‏ حلف تالله‏.‏

وعن ومعناه التعدي، كقولك‏:‏ رميت عن القوس، وعلى معناه الاستعلاء، نحو وجب المال عليه، والكاف للتشبيه، نحو زيد كعمرو، ومذ ومنذ يجران ما بعدهما بمعنى ابتداء الغاية فيقال‏:‏ ما رأيته منذ يوم الجمعة، ومذ يوم الجمعة تريد من هذا الحد، ولرفع ما بعدهما، فيقال‏:‏ منذ يوم الجمعة بهذا المعنى، وبمعنى آخر، وهو أن يراد الأمد كله نحو ما رأيته مذ يومان، تريد أمد ذلك يومان‏.‏

وحاشا في الاستثناء، وخلا وعدا إذا جررت يهما‏.‏ فهذا هو القول في العوامل من الحروف، وهي باجمعها سبعة وثلاثون حرفا وما عداها من الحروف فهو ممالا يعمل، نحو هل، وهمزة الاستفهام، ولو، ولولا، وهلا، وأما، وإما، ولام الابتداء، في قولهم‏:‏ لزيد منطلق، وقد، وسوف، والسين والحروف المكفوفة وهي إنما وأخواتها وربما، وكما تقول‏:‏ ‏(‏صديقي زيد كما أخي عمرو - زيد صديقي كما عمرو أخي‏)‏‏.‏

وما ولا إذا كانتا مزيدتين، نحو قوله عز وجل‏:‏ ‏{‏فبما رحمة من الله لنت لهم‏}‏ ‏[‏آل عمران 159‏]‏ ‏{‏ولئلا يعلم أهل الكتاب‏}‏ ‏[‏الحديد/ 29‏]‏ وكذلك حروف العطف، لأنها تعمل الإتباع، والنيابة لا بأنفسها‏.‏ وقد عرفت العوامل، فكل مالم يكن منها فهو غير عامل‏.‏